مرکز الهدف للدراسات
Hadaf Center For Studies
Hadaf Center For Studies
بعد عقود من الزمن أخذت العلاقات بين الجارتين العراق وايران تتطور بشكل ملحوظ على كافة الأصعدة.
فمنذ انهيار الدولة العثمانية واستقلال الدولة العراقية لم تكن السياسات المتخذة من قِبل السياسيين في كلا الدولتين بالمستوى المطلوب وربما كانت في كثير من الأحيان تشكل تهديداً على الامن الوطني لبعضهما البعض.
إذ أكثر الاختلافات بين الجارتين كانت حول المناطق المتنازع عليها من جهة والقضايا الدينية من قبيل الضغط على الشيعة في العراق من جهة ثانية ومسائل التعنصر والقوميات من جهة ثالثة ووجود الأكراد على جانبي الحدود الإيرانية العراقية من جهة رابعة فكانت هذه الأمور كلها من الأسباب الرئيسية للتوتر والصراع بين البلدين في نصف القرن الاخير.
ولكن في برهة من الزمن برزت نقاط مشتركة ذات صلة بين البلدين وهي منذ استقلال العراق في سنة 1932م الى نهاية الحكومة الملكية في سنة 1958م أي فترة النفوذ البريطاني في المنطقة ووجود حكومات ملكية في كلا الدولتين وبهدف مواجهة الشيوعية صارت العلاقات ودية وحميمة، ورغم ذلك حتى في هذه البرهة من الزمن أيضاً كانت تشتد النزاعات الحدودية بين حين وآخر وعادةً تُحلّ سلمياً ولكن ما رسخ من العلاقات بين البلدين في الاذهان ليس إلا النزاع والصراع.
أمّا بعد انقلاب عبد الكريم قاسم على الملكية وتأسيس النظام الجمهوري في العراق اشتد الصراع بين ايران والعراق الى أقصى حالاته وكانت تحدث بينهما صراعات عديدة لربما كانت ستؤدي إلى الحرب، ما فتح باب المفاوضات بين الطرفين وفي النهاية رجعت العلاقات الدبلوماسية الى مسارها الطبيعي ولكن بقيت العلاقات حذرة بين الدولتين إلى نهاية حكومة عبد الكريم قاسم.
وبعد سقوط حكومة عبد الكريم قاسم في 8 فبراير لسنة 1963م وتسلّم السلطة من قِبل الانظمة المعتدلة مثل عبد السلام عارف وعبد الرحمن عارف، تقلص التوتر في العلاقات بين إيران والعراق إلى حد ما ولكن بقيت الخلافات في الحقول السابقة.
استمر الهدوء والتحدي في العلاقات بين البلدين ولكن مع إقامة نظام البعث في العراق، بدأت فترة توتر أخرى في العلاقات بين البلدين؛ بالإضافة إلى الاختلافات السابقة، والاختلافات الأيديولوجية بين النظامين القائمين، والتوجهات القومية العربية لنظام البعث وسعيه للسيطرة على العالم العربي، وميل البلدان الى قطبي العالم المتخالفين في الحرب الباردة (الاتحاد السوفياتي ـ الولايات المتحدة الاميركية) ومعارضة العراق للجزر الثلاث زاد من تدهور الوضع بين البلدين.
علاوة على قرب النظام الملكي الايراني من إسرائيل وتأثيره السلبي على عقلية العرب وصانعي السياسة في نظام البعث أدى إلى القضاء على الإيرانيين الذين يعيشون في العراق وتبني سياسة مناهضة لإيران من قبل نظام البعث.
وفي هذه الفترة أدت هذه الأحداث إلى تدهور العلاقات بين البلدين الى احتمال مواجهة عسكرية، وتكثف احتمال نشوب الصراع العسكري، لكن بوساطة هواري بومدين خلال قمة أوبك لسنة 1975 في الجزائر ، توصل البلدان إلى اتفاق لإنهاء خلافاتهما.
أمّا بعد انتصار الثورة الاسلامية الذي تسببت في تغيير هيكل السلطة في الشرق الأوسط والنظام الأمني الثنائي القطب الذي يحكم العالم (الغرب والشرق) ، بالإضافة إلى إخراج إيران من صفوف الحامية لكتل الأمريكية والغربية، شجع القادة العراقيين أيضًا على شن ضربة عسكرية ضد إيران، استغل صدام ـ الذي كان يتطلع إلى قيادة العالم العربي وملء فراغ السلطة في المنطقة ـ هذه الفرصة وسعى للتعويض واسترداد ما فقده الامتيازات في معاهدة الجزائر لعام 1975.
شن صدام حسين حربا بدأها بقصف منشآت النفط الإيرانية والقيام بسلسلة من الأعمال المدمرة ضد جمهورية إيران الإسلامية، بحجة استعادة الجزر الثلاث ألغت وزارة الخارجية العراقية، ومزقها صدام بدعوى السيادة المطلقة للعراق على شط العرب، أمام كاميرات التلفزيون، وفي 31 سبتمبر 1979، بدأت هجمات جيش البعث البرية حرباً على الجمهورية الاسلامية في إيران والتي طالت مدتها 8 سنوات.
خلّفت هذه الحرب المدمرة مئات الالاف من القتلى والجرحى والمفقودين من الطرفين وهجّر مئات الالاف من سكان المناطق الحدودية والتي هي اطول حرب بعد حرب فيتنام في القرن العشرين وبعد قرار رقم 598 وافق الطرفان على وقف الحرب من دون كسب اي نتائج للطرفين المتخاصمين.
تزامنت هذه الفترة مع غزو العراق من قبل الولايات المتحدة وحلف الشمال الأطلسي وانهيار نظام البعث وبداية عهد جديد في تاريخ العراق، وفي هذه الفترة استطاع الشعب إلى حد ما أن يعينوا ممثلين لهم، وأصبحت العلاقات العراقية الإيرانية في هذه الفترة جيدة نوعاً ما، وقد نال حذف حزب البعث الذي كان ترحيب الجمهورية الإسلامية.
من هنا انطلقت مرحلة جديدة غير مسبوقة بمثلها من العلاقات الايرانية العراقية حيث صارت زيارة المسؤولين لكلا الدولتين بشكل أكثر من الطبيعي وحينها بدأت الزيارات المتقابلة لكلا الشعبين الايراني والعراقي الى المراقد المقدسة.
ولم يقف المحتل الامريكي مكتوف اليدين أمام هذا الانسجام والتعاون فعمل على زرع الفتنة بين اطياف الشعب العراقي بين الحين والآخر، وخططوا لإيجاد عناصر ارهابية بطرق مختلفة لزعزعة امن العراق لأجل بقاءهم اكثر وربما نجحوا في بعض مخططاتهم ولكن بعد ظهور تنظيم داعش الارهابي في سوريا والعراق كُشفت كثير من الحقائق أمام الرأي العام منها الدعم اللوجستي من قبل الاميركان للتنظيم وضربهم مقرات الحشد الشعبي بين الحين والاخر بذريعة الخطأ وعدم تسليمهم الطائرات الحربية للعراق مع أن اثمانها مدفوعة مسبقاً وتركوا العراق وحيداً فريدا ما خلا الجمهورية الاسلامية في إيران الدولة الوحيدة التي وقفت جنباً الى جنب مع العراق.
إذ قدمت الجمهورية الاسلامية الايرانية كل ما يحتاجه العراق من الاسلحة والمستشارين وحتى المقاتلين لأجل حفظ سيادة العراق، ما يكشف عن حُسن نية الجمهورية الاسلامية الايرانية قبال جارتها العراق لحفظ مقدساته واستقراره وأمنه، ومن هنا تيقن الشعب العراقي بأنّه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة الاميركية بل يجب اخراجها من العراق.
وكان للزيارة الاخيرة للرئيس الإيراني حسن روحاني للعراق أثرها الكبير حيث حصلت عدة اتفاقات مع رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي بعد عقد سلسلة اجتماعات مثمرة منها: إنشاء مدن صناعية على حدود البلدين، والاتفاق في مجال سمات الدخول على رفع أجور التأشيرات، وهكذا اتفقا بمجالات النفط والمواصلات ومد السكك الحديدية والتصنيع والصحة وتبادل التجارب بين البلدين.
وقال عادل عبد المهدي إننا عازمان على صنع أجواء إيجابية بالمنطقة والعالم، بما يحسن البيئة العامة بالمنطقة وننتهي من الحروب والحصار.
من جهته، قال روحاني، خلال المؤتمر، إن "المباحثات المشتركة ستحقق فرصاً جيدة تخدم مصالح الشعبين. حيث بحثنا العلاقات واتفقنا على تطويرها وتسهيلها على المستوى الشعبي، ورفعنا رسوم إصدار تأشيرات الدخول بين البلدين، كما اتفقنا على أن تستمر المباحثات.
وأضاف "بحثنا موضوع المواصفات لتبادل السلع الصناعية والزراعية، وربط السكك الحديدية، إذ شبكة السكك الإيرانية مرتبطة مع العديد من دول المنطقة، ونتطلع للربط مع العراق 35 كيلومترا، وتوصلنا لتوافقات حول الموضوع فيما يتعلق بالبيئة وضرورة تفعيل الاتفاقات الموجودة، والتعاون مع باقي دول المنطقة".
وأشار إلى أن "إيران تزود العراق بالغاز والكهرباء، ونحن مستعدون لزيادة حجم الطاقة وبإمكاننا توفير التسهيلات بالمجال النفطي، وفي مجال القضايا المصرفية أكدنا التعاون بين البنوك التجارية، وتوصلنا لاتفاقات بشأن المجال البحري"، مضيفا أنه "في المجال العلمي سنهدي مجموعة من المختبرات للجامعات العراقية، وبإمكاننا بناء مزيد من العلاقات في مجال التكنولوجيا وتزويد العراق بالمجالات العلمية والبحثية".
ختاماً الاستكبار العالمي وعلى رأسهم اميركا لا تريد الخير للدولتين بسبب وجود النفط بنسبة عالية والموارد الاقتصادية الوافرة من الزراعة والمعادن والمياه الاقليمية وغيرها.
علي خالد
مفهوم سياسي وعسكري ساد في القرن العشرين. يتطلع إلى تخفيض التسلّح والحد منه أو الغائه في كافة أنحاء العالم. وهو يعني أيضاً تخفيض حجم القوات المسلّحة ونفقاتها وتدمير الاسلحة أو تفكيكها، الموزّعة منها أو المخزونة، والالغاء تدريجياً للقدرة على إنتاج اسلحة جديدة، وتسريح العسكريين ودمجهم في اطار الحياة المدنية. والهدف النهائي هو نزع السلاح الشا ...
شاهد جميع المصطلحات
تعليقات الزوار