مرکز الهدف للدراسات

Hadaf Center For Studies

11 March 2019

العراق وأزمة الخيارات الاستراتيجية

تعاني بعض القيادات العراقية من أزمة خيارات وفوضى في المواقف، لا تسوغها كل الهواجس والمخاوف والتطلعات، فالامريكيون محتلون واقعاً، وان عادوا بطرق اخرى  كالاتفاقية الأمنية أو قواعد عسكرية أو محاربة الارهاب أو...، وهذا امر لا لبس فيه، وأهدافهم المعلنة، فضلاً عن المستترة، هي ابعد من إسقاط النظام البائد أو محاربة الارهاب أو...، وقد ثبت بالتجربة والمواقف، أن ما جاءوا لأجله، لم يكن سوى لعبة خداع (تكتيكية) استخدمت ذريعة لتضليل الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي على السواء، وأن مشروع إقامة أنموذج ديمقراطي في هذا البلد المعذب، ليس إلا شعاراً أجوف، لم ينطل على كل ذي لب وبصيرة، ولم يصدقه الا حفنة من الناس، ربما ليس لديهم الخبرة الكافية بمدرسة النفاق الأمريكية، هذا إذا أحسنا الظن بنوايا هؤلاء، أما إذا لم نحسن الظن، وهو الأرجح لأنه ((إذا فسد الزمان فالظن بالسوء أولى))فتكون هذه الحفنة مستفيدة، وهنا نسأل: متى كان الامريكيون جمعية خيرية يضحون بجنودهم كرما لعيون الشعوب المستضعفة والمغلوب على امرها، في حين أن تاريخهم الحديث والمعاصر يفضح نواياهم ويكشف زيفهم بدءاً بدعم النظام العنصري السابق، في جنوب أفريقيا، مروراً بدعمهم للأنظمة الاستبدادية في المنطقة، وانتهاءاً بحمايتهم للكيان الصهيوني الغاصب؟ 

فموقف الإدارة الامريكية من الحكومات المنتخبة ديمقراطياً ودعمها للحكومات المستبدة خير شاهد على كذب كل الادعاءات التي تروج لها الإدارة الأمريكية .

 لقد كان صدام، أنموذجاً فريداً في الاستبداد، وأن الشعب العراقي ذاق الأمرين من مجازره وحروبه المتنقلة، وأن ظلمه لم يسلم منه احد، وكانت الادارة الامريكية اكبر داعم له ، ولكن المصلحة الامريكية اقتضت ان يبدل هذا النظام، فبعد سقوط نظامه المستبد، راهن الكثيرون ممن يتوقون إلى رؤية العراق سلمياً ومعافى، على حصافة بعض القيادات التي كان يرتجى منها ، عقب إنجاز مراحل بناء المؤسسات الدستورية، أن تباشر فوراً في طي صفحة الماضي وتشمر عن سواعد الجد ، وتشرع في معركة إخراج المحتل في معركة وطنية تستعاد فيها أمجاد ثورة العشرين. غير أن هذا البعض (من القيادات) تاه بخياراته إلى حيث الأسن والدم والفوضى واليأس، سواء أدرك ذلك أم لم يدرك، فالعبرة بالمآلات والنتائج، لا بالنوايا الحسنة والقراءات الخاطئة، فجهنم مملوءة بأصحاب النوايا الحسنة!.

لقد استدرجت لعبة السلطة، بما يلابسها من زخرف زائل ومجد متوهم، معظم قيادات العراق، الى معركة داخلية، تستخدم فيها اسلحة التضليل والتزييف والإخفاء والتمويه كافة، حتى يكاد المرء البسيط يصدق، الشعارات والمخاوف، وبالتالي ينسى أنه في بلد محتل، وأن لا سيادة ولا زعامة ولا استئثار ولا غلبة دائمة في ظل الاحتلال، لأن الأخير، هو الذي يمسك بخيوط اللعبة ويحركها وفقاً لمصالحه وعلى ايقاع اهدافه واستراتيجياته، ومن يضمن للطرف المحلي، في حال تحقيق انتصار داخلي على طرف محلي آخر، أن يقره المحتل على ما أنجزه؟ فالمسلك، برمته خاطىء ومكلف ومنحرف، ولن يخدم سوى المحتل الذي سيضاعف من أوراق الضغط والتلاعب، وسيمنحه هامشاً واسعاً للمناورة، يرتع فيه كما يشاء، ويهبه فرصاً للابتزاز ولإدامة احتلاله، باعتباره سيضحى حاجة وطنية، تحفظ الحد الأدنى من هيكل الدولة.

وأخطر ما في لعبة السلطة في العراق، أنها توسلت الطائفية طريقاً لإنجاز المكتسبات الموهومة، وأخطر من ذلك ان بعض القيادات العراقية بصورة عامة وبعض القيادات الشيعية، لم تدرك الى الآن وربما لا تستطيع أن تدرك أن الرهان على الأمريكي لن تقف آثاره عليهم شخصياً، وانما سيحولون أبنائهم وإخوانهم وأفراد عشائرهم الى ضحايا تتساقط بالعشرات يومياً دون ان يرف للمحتل جفن، ولن تقتصر الأمور على الدائرة العراقية بل ستتخطاها لتصيب بدنسها كل من ينتمي لهذا المذهب، الذي إذا كان لديه ما يفاخر به هو أنه ينتمي الى امام دفع دمه ودماء ابناءه وإخوانه من أجل عزته وشرفه وكرامته، وضحى بالحياة والخلافة و بهارج الدنيا لتبقى شجرة الإسلام نضرة ومورقة وباسقة.

والدماء التي تراق رخيصة في الشارع لن تقي مناصبهم من شرور المحتل، وليس أسهل على الأمريكيين من أن يتخلوا عنهم في منتصف الطريق، ويجرون عليهم مقايضة رخيصة تطيح برؤوسهم، بعد أن يكون العراق وشعبه قد دفع الثمن غالياً.

تعليقات الزوار

2024/04/18 وحدث في مثل هذا اليوم
  • 1919- إنشاء عصبة الأمم وفق اتفاقية وقعها الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الأولى.
  • 1955- انعقاد مؤءتمر باندونغ في إندونيسيا بحضور وفود 29 دولة أفريقية وآسيوية واستمر المؤتمر لمدة ستة أيام وكان النواة الأولى لنشأة حركة عدم الانحياز.
أفلام وثائقية
صور نادرة
مصطلحات

أجانب

الأجانب هم المختلفون جنسية ووطناً. ولكي تحافظ الدول على مصالحها العامة تخضع قبول الأجانب لبعض الشروط والمعاملات. ويخضع الأجانب للقوانين المرعية في البلاد التي يستوطنونها، ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا الهيئات الديبلوماسية. ويفرض القانون الدولي على الدولة أن تكفل للأجنبي الحريات العامة والشخصية القانونية والحقوق الملازمة لها، والحقوق الخاص ...

شاهد جميع المصطلحات