ايران والتداعيات الإقليمية

استحوذ الدور الإيراني في عملية (الوعد الصادق) في 12تموز/ يوليو 2006 وصلته بإعادة تشكيل خريطة التحالفات الإقليمية، على اهتمام دولي واسع المدى بحسب سيل التصريحات والتقارير والدراسات التي أصدرتها دوائر صنع القرار وأجهزة الاستخبارات والمراكز البحثية التي جعلت من (الشأن الإيراني) موضوعاً لها. والواقع أن الاهتمام بالدور الإقليمي لإيران لم يكن غائباً منذ اندلاع ثورتها الاسلامية في عام 1979و خطابها الداعي الى نصرة المستضعفين. وفي بعض الاحيان اتخذ هذا الاهتمام بعداً تهويلياً بتجاوز الحديث عن ايران كقوة عظمى إقليمية إلى كونها تلك القوة العظمى للقرن) التي أطاحت على مدار الثمانينات اثنين من رؤساء الولايات المتحدة في ظل النظام الدولي ثنائي القطبية في حينه. الاول هو الرئيس جيمي كارتر بفعل واقعة اقتحام السفارة الأمريكية في طهران وارتهان من فيها. والثاني، هو الرئيس رونالد ريغان بعد تكشف خبايا فضيحة ايران – كونترا في ذروة احتدام العداء الأمريكي- الايراني.

 الاهتمام بإيران قديم إذاً، لكن الأمر المؤكد أنه تنامى بشكل حثيث منذ مطلع التسعينيات، حيث تكفلت الحروب الثلاث التي شنتها الولايات المتحدة على العراق (عاصفة الصحراء)، ثم أفغانستان ثم العراق مجدداً بكسر العزلة الدولية المضروبة حول الجمهورية الإسلامية، واضعفت واحداً من ابرز خصومها: تنظيم القاعدة واطاحت آخر: صدام حسين، وبدأ ما يمكن وصفه بمرحلة جديدة من الاهتمام بالحالة الإيرانية، مرحلة اعتبر فيها النزال مع ايران من خلال حزب الله بمثابة جزء من آلام المخاض التي تحملها اللبنانيون في انتظار ميلاد شرق أوسط جديد.

ومع ان ايران تعتبر احد الاهداف الحرب الاسرائيلية على لبنان، وربما هي الهدف الرئيس لها، وأن اسرائيل والولايات المتحدة كانتا تتحينان الفرصة المناسبة لتجريد ايران من احد أبرز حلفائها الإقليميين. بهذا المعنى تصبح  واقعة اختطاف الجنديين الإسرائيليين مجرد ذريعة كما كانت احداث 11 أيلول /سبتمبر ذريعة للحرب على الإرهاب، وكما كان ادعاء امتلاك أسلحة الدمار الشامل ذريعة للهجوم على العراق. ويمكن القول ان العقوبات الامريكية على ايران الهدف منها يتمثل في زعزعة الاستقرار وتقييد إمكانيات الجمهورية الاسلامية، و الحصار  يمثل ركناً ثابتاً في سياسة الضغط التي تتبعها واشنطن تجاه ايران وفي هذا السياق بإمكاننا فهم كل العقوبات الأمريكية الأخيرة ضد طهران والتي جاءت على خلفية عدم استجابة ايران للمطالب الأمريكية، وفي يوليو/تموز الماضي رفعت ايران دعوى ضد الولايات المتحدة ، امام العدل الدولية، تقول فيها إن القرار الذي اتخذته واشنطن في مايو/آيار 2018، بفرض عقوبات اقتصادية عليها، يمثل خرقاً وانتهاكاً صارخاً لمعاهدة الصداقة، وطلبت من المحكمة أن تأمر واشنطن برفع العقوبات بشكل مؤقت حتى يتم الفصل في القضية بشكل نهائي. وان خروج الامريكي من طرف واحد من الاتفاق النووي وفرض عقوبات احادية الجانب، وهو الامر الذي أظهر الولايات المتحدة كطرف خارق للاتفاقيات الدولية، ويعزز موقع الجمهورية الاسلامية في الساحة الاقليمية والدولية، ومن خلال فرض العقوبات و...تسعى الولايات المتحدة من تحجيم الدور المميز و الفعال للجمهورية الاسلامية في حل الخلافات والنزاعات في المنطقة والعالم، وفرض عزلة دولية عنها ولكن الامور تسير خلاف ما تصبو اليه الولايات المتحدة وحلفاؤها من دول المنطقة، وليس بوسع امريكا وأي دولة اخرى عزل الجمهورية الاسلامية لمكانتها في الساحتين الدولية والاقليمية.

اعداد: طالب معلان