العراق...إلى أين؟

يجتاز العراق خلال العام الحالي تطورات مهمة ومصيرية، فما هي هذه التطورات، وما هي الآفاق المحتملة أو الممكنة التي يمكن ان تنتهي إليها اوضاع العراق؟ وما هي إمكانيات خروج العراق منها، بما يمكنه من الحفاظ على استقلاله ووحدته؟

يمكن اجمال التطورات الحالية في ما يلي:

- نفذ الاحتلال سياسة "فرق تسد" في العراق، حيث ساهم في خلق المحاصصات الطائفية والعرقية وإذكائها، ثم احدث انقسامات داخل كل طائفة، وعمل على تطوير((عملية سياسية )) يدين بعض اطرافها للولاء له. كما قام بحل الجيش العراقي والقوات الأمنية الأخرى في بداية الاحتلال  ( بما يخدم إسرائيل بالدرجة الاولى) والإخلال بالتوازن الاستراتيجي في الخليج. كما قام بتسهيل نهب آثار العراق والقضاء على مؤسسات الدولة التي كانت قائمة، وليس على النظام البائد فقط.

-إن ((العملية السياسية))،وما تمخض من حكومات طائفية وعرقية، قد فشلا حتى الآن في توفير الخدمات الرئيسية للمواطنين، من ماء وكهرباء وخدمات صحية، وقد انتشرت البطالة، رغم الموارد المالية الكبيرة التي أتيحت لها. كما إنها تعاني الفساد واستغلال وضعها، ليصبح البلد في ظلها واحداً من اكثر بلدان العالم فساداً.

-ان الكلام عما يسمى ((المصالحة الوطنية)) هو امر بعيد المنال، فليست هناك إمكانية عملية للمصالحة بين الاطراف العراقية التي جاءت مع الاحتلال والذين التحقوا به بعد الاحتلال وشاركوا في العملية السياسية من جهة، وبين الذين عارضوا الاحتلال وقاوموه، بوسائل مختلفة مسلحة وسلمية، ورفضوا الاشتراك في العملية السياسية في ظل الاحتلال، وشكلوا جزءاً كبيراً من قوات الحشد التي تصدت بكل شجاعة للإرهاب الأمريكي.

إن الحكومة الحالية التي فشلت في تحقيق ابسط حقوق الشعب وتقديم الخدمات الضرورية للشعب، تعيش مأزق ضمان استمرار رئيسها حيدر العبادي في الحكم، وهي تعاني تفككاً بين الاطراف التي تشكلت منها، وقد عكست الانتخابات الأخيرة ذلك التمزق والانقسام بين تلك الاطراف نفسها، وليس هناك ما يضمن استمرار حيدر العبادي على رأس الحكومة، رغم التأييد الأمريكي له، إضافة إلى انه لم يحصل على اغلبية في معظم المحافظات رغم وجوده في السلطة وما توفره له من امكانيات مالية، ولم يحصل احد من الاطراف اغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة ويبقى الرهان على موقف الأطراف الأخرى سواء سنية أو كردية مع أي جهة تتحالف وهي ترفع سقف مطالبها بعلمها ان الأطراف الشيعية غير موحدة. ان التحدي الحقيقي هو ايجاد مخرج تتفق عليه جميع الاطراف يصب في مصلحة الوطن، والخروج من النفق الطائفي لتشكيل حكومة قوية قادرة على تخطي الأزمات وانهاء الاحتلال الامريكي بكل اشكاله.

اعداد: طالب معلان