مرکز الهدف للدراسات

Hadaf Center For Studies

24 September 2018

استراتيجية التضليل الإعلامي الأمريكي وأسلوب التحدي في العراق

على رغم كل البديهيات التي غدت واضحة بشأن تداول المعلومة واتساع دائرة تأثير الإعلام، الأمر الذي دفع البعض إلى تسمية الإعلام بـ ((الحياة))، فإن الحضور المباشر والمؤثر لوسائل الإعلام في برمجة أسلوب حياة المجتمعات اليومية أضحى ظاهرة مسلماً بها تتطلب التأمل والبحث عن صيغ التعامل معها وتحليل نتائجها وأبعادها، فهناك ازدواجية في الإعلام لابد من تشخيصها والتدقيق في  نوايا إطلاق المعلومة إزاءها. وفي الوقت الذي يوظف فيه الإعلام كأداة ومعول لهدم جدران المجتمعات واستهداف إرادتها وحقها المشروع في المقاومة والرفض، فهو يستخدم كسلاح للدفاع عن قضايا التحرر والتنمية.

وأمام هذه الأهمية والخطورة لدور الإعلام، فقد أصبح يشكل واحدة من أبرز حلقات الصراع الدولي في العصر الحديث، وبات من المعلوم أن انطلاق الصراع  الحقيقي للدول يبدأ بفضاء الإعلام الواسع. ان هذا الاستطراد في توصيف الإعلام وأهميته جعلنا نخضعه لواقع التجربة المريرة في العراق في اثناء الحملة العسكرية التي بدأت في بداية تسعينيات القرن الماضي بصياغة استراتيجية إعلامية للشروع بها قبل الغزو والاحتلال، إذ إن المحتل الأمريكي كان حريصاً في هذه الاستراتيجية على تلازم الخطة العسكرية والاعلامية قبل وبعد الحرب، ومحاولة استثمارها لاختراق العقول والنفوس. ولكن إذا كان احتلال العراق بالمنطق العسكري السوقي جرى في اسابيع قلائل، فإن احتلال العقل العراقي لم يكن بالمقاييس الإعلامية والثقافية والنفسية والسياسية سهلا عليه ابداً، على رغم آلته الإعلامية المتطورة، وجهازه الدعائي والنفسي البارع، ومؤسساته الكبرى في الإعلام والعلاقات العامة وممارساتها في الحرب النفسية. وقد عبرت سنوات المواجهة عن فشل هذه الاستراتيجية الثنائية ((الاعلامية )) العسكرية ، وتفوق المجتمع العراقي على امريكا إعلامياً في طرح الصورة والمعلومة المفسرة لها في فضاء الإعلام بتوظيف وسائل الإعلام الدولية لصالحه، انطلاقاً من الأهمية الفائقة لقيمة المعلومة، وسط تنافس محموم للإعلام الدولي، طبقاً للمهنية في نقل الأحداث وتفسيرها.

عقب تفجيرات 11أيلول /سبتمبر، وقبيل غزو أفغانستان والعراق، ظهرت ملامح استراتيجية أمريكية للتضليل الإعلامي بثلاثة جوانب: أحدها مدني، والثاني عسكري ، وهذه الاستراتيجية الأخيرة موجهة بشكل رئيسي إلى العالم الاسلامي، وبصورة عامة الى العالم كله، فضلاً عن جانب ثالث ((خارجي)) لهذه الاستراتيجية، يتعلق بالضغط بأشكال مختلفة على وسائل الإعلام والفضائيات العربية، التي لا تسير في ركاب الاحتلال(تكميم الافواه العربية). وفي عصر الإرهاب العابر للقارات الذي أشاعته ماكنة السياسة والإعلام الأمريكية، أفرزت تمييزاً لم يعد على تلك الدرجة من الوضوح والتحديد الذي كان عليها من قبل، وخصوصاً بعد عمدت الولايات المتحدة في إطار استجابتها لهجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر2001إلى تصنيف كل من يعاديها بأنه إرهابي، أو كما قال الرئيس الأمريكي السابق((إن من لا يقف معنا فهو ضدنا)). 

في اطار نظرة متأنية لحركة الإعلام الأمريكي في العراق، عقب الغزو والاحتلال في مطلع عام 2003، مقارنة بتلك الحركة بعد الاقتراب من السنة السادسة عشر للغزو والاحتلال يتضح بجلاء أن صعوبات كبيرة أخذت تواجه وسائل الاعلام والعاملين فيها في الأداء، لأسباب عدة، من بينها أن الاعلام يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسياسة في دول العالم المتقدمة والنامية. ولذا، فإنه حين نقول((اعلاماً حراً)) يتطلب ذلك فك الارتباط بين السياسة والاعلام، واخلاء سبيل الأخير من قيود الساسة. ومهما يكن من توفر هامش الحرية الإعلامية إلا ان الإعلام، نظراً الى طبيعة الظروف الدولية، وتشعب المصالح، يبقى جزءاً لا يتجزأ من السياسة، لأن المال يكون دائماً في أيدي القادة والسياسيين، وحتى كبار التجار والمستثمرين فإنهم باتوا في عالم اليوم سياسيين وأصحاب مؤسسات اعلامية. وكما قلنا سابقاً ان الإعلام هو الحياة، ولا يمكن للحياة ان تستمر دون إعلام. إننا كلنا بحاجة الى الإعلام ، لأنه في مفهومه المعروف يعني التبصير والتنوير وخلق الوعي لدى الناس. هذا في إطاره المتواضع المسالم، لكنه في الاتجاه الاخر هو ايضاً صراع الأفكار والقيم، ويجسد في حالات اخرى دور الجانب المرعب، ((اعلام الرعب والخداع )). فيجب علينا ان نكون فاعلين في رد الفعل إلى أية مواجهة ضدنا، سواء كانت استفزازية مسلحة أو اعلامية تضليلية، كما هو الحال في العراق، أمام التحدي للخطاب التضليلي الإعلامي الأمريكي – الغربي.

اعداد: طالب معلان

تعليقات الزوار

أفلام وثائقية
صور نادرة
مصطلحات

استيلاء

في القانون، طريقة منشئة للملكية تتم بمجرد حيازة شيء غير مملوك لاحد بنية تملكه، كالاستيلاء على الاموال المباحة والاشياء المتروكة.  والاستيلاء من الطرق التي عرفها التاريخ في تولية الحكام وهي طريقة تستعمل القوة بمعناها المادي الكامل. ومن الممكن التمييز بين الاستيلاء عقب ثورة داخلية وبين الاستيلاء بالفتح الخارجي. وفي القانون الدولي، الاستيلاء ...

شاهد جميع المصطلحات