إيران والعراق مواقف موحدة في مواجهة التحديات المشتركة

من العوامل الهامة التي ستشكل مستقبل العراق هو مدى قدرة الحكومة المركزية في مواجهة التحديات ومنع التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية ومدى قدرته في مواجهة الضغوط التي تتعرض لها من قبل الإدارة الأمريكية ، فلابد للعراق من سياسة مستقلة تأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب العراقي.

وتعتبر ايران الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي حاولت ومنذ انتصار الثورة الإسلامية من مساعدة الشعب العراقي للتخلص من الاستبداد البعثي رغم انها دخلت في حرب فرضت عليها قسراً بدعم امريكي وحلفاؤها، ومع انتهاء الحرب حاولت الجمهورية الاسلامية ان تتقرب الى الشعب العراقي رغم خلافها مع النظام الحاكم في تلك الفترة .

ومع بداية حرب الخليج وفرض الحصار على العراق حاولت الجمهورية الاسلامية وبكل الطرق ان تخفف من معاناة الشعب العراقي وتمد العراق بالمواد الغذائية والأدوية وهناك تقارير تشير الى ذلك . ومع ان الهدف الأمريكي من احتلال العراق هو تجزئته، الا ان الجمهورية الاسلامية رفضت هذا التقسيم وبقيت متمسكة بوحدة الأراضي العراقية فالجمهورية الاسلامية تعلم جيداً ان استقرار العراق هو استقرار المنطقة والعالم ، فالتحدي الذي يواجهه العراق في هذه الفترة ربما تواجهه دولة اخرى في المستقبل وبعد سقوط النظام البائد وتشكيل الحكومة العراقية او ما يسمى "مجلس الحكم" كانت الجمهورية الاسلامية من الدول السباقة في الاعتراف به.

صحيح ان التاريخ بين البلدين قاسي ومملوء بالعداء ولكن هذا العداء لم يمنع العراق وايران من بناء علاقات جديدة تبتني على التعاون المشترك في جميع المجالات وخاصة في ما يتعلق بمحاربة الارهاب، فلولا الدعم الايراني للعراق لكان مصير العراق مجهولاً حين اجتاح داعش الاراضي العراقية مع العلم  ان العراق كانت تربطه اتفاقية عسكرية مع الادارة الأمريكية وهذه الادارة  رفضت طلب العراق بإرسال تعزيزات عسكرية لصد الارهاب الداعشي ، وفي المقابل قامت الجمهورية الاسلامية ومن دون أي تردد بمساعدة العراق، لانها ترى ان التصدي لخطر الارهاب هو تحدي مشترك لابد من مواجهته.

فيوم بعد يوم تتضح أكذوبة محاربة داعش من قبل التحالف الدولي بقيادة امريكا في كل من العراق وسوريا، فلم تكن امريكا يوما جادة في محاربة الارهاب لأن هذا التحالف تدور حوله الكثير من الابهامات والاشكالات ، واعطى اولوية للسعودية والجميع يعلم ان داعش من صناعة الوهابية وفتاواهم التكفيرية وكذلك الامريكان وهو ما صرح به الرئيس الامريكي بقوله: ان الادارة الأمريكية السابقة في البيت الأبيض هي من صنع داعش.

وبغض النظر عن التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التي صرح فيها ان العراق يتعاطف مع الجمهورية الاسلامية، ولكنه يلتزم بالحصار المفروض عليها فإن لدى ايران والعراق سياسة حكيمة تعزز أولويات وفرص التقارب لمواجهة مخاطر الارهاب، فالمسؤولون العراقيون يعلمون جيداً ان ما يهدد ايران يهدد العراق، فهناك تحديات مشتركة بين البلدين. وهذه التصريحات لن تؤثر على مستقبل العلاقات بين ايران والعراق لأن العلاقة بين البلدين في الآونة الأخيرة وصلت الى مستويات عالية من التعاون والتنسيق المشترك فيما تواجه البلدين من تحديات مشتركة ولا يستطيع  شخص منتهي الصلاحية ان يخدش بها ، فيا دولة رئيس الوزراء اعلم جيداً من يقف ضد الجمهورية الاسلامية فهو الخاسر وهذا ما جربناه مع بعض السياسيين العراقيين حينما عادوا الجمهورية الاسلامية خسروا المشهد السياسي.

طالب معلان