مرکز الهدف للدراسات

Hadaf Center For Studies

13 August 2018

هل ثمة تعارض بين مشروع المقاومة والمشروع السياسي؟

قد يرى البعض تنافراً أو تناقضاً أو تصادماً بين الوقوف إلى جانب العملية السياسية والمقاومة معاً، أو بعبارة أدق في هذه المرحلة هو المراهنة على السياسة والمقاومة معا، وأن من استراتيجيات العمل المقاوم في العراق حفظ مستقبل العملية السياسية ودرء الأخطار المحدقة بها، إذ لا ضمان لعدم تغيير الدول الكبرى لمواقفها وتحديداً الولايات المتحدة ونكوصها عن ظاهر ما تطرحه وتحرص عليه أمام الرأي العام العالمي والعراقي، من أنها راعية وداعمة للعملية السياسية، ذلك ان مؤشرات لا تنتهي ووقائع حدثت تشير بوضوح إلى أن الولايات المتحدة يمكن لها - إن لم تكن تخطط فعلا لذلك - أن تنسف تلك العملية بشكل تدريجي عبر اعادة حزب البعث الى السلطة بعد أن يئست من تطبيق اجندتها الاحتلالية للعراق بوجود القوى الاسلامية التي يصعب على واشنطن التعامل معها لتكون خادما للمصالح الأمريكية بديلاً عن صدام. 

إن هذه الرؤية التي ترى تقاطعاً بين العمل السياسي ومشروع المقاومة بدعوى أن العملية السياسية هي وليدة الانتخابات ومن أنها شرعية ويفترض علينا أن نؤيدها في رؤيتها التي تنص على ترحيل القوات الأمريكية من خلال الاتفاقيات والمعاهدات وبالتالي فإن الخروج على الرؤية السياسية للقادة الشرعيين بطبيعة الحال هو خروج عن الشرعية ويخلق تعارض بين مشروع المقاومة ومشروع العملية السياسية، هذا الادعاء وهذه الشبهة غير قائمة على أية ركيزة واقعية فالحقيقة: أن العمل السياسي محكوم بأطر وحالة عامة وشاملة لا يمكن معها القطع بأن كل ما ستؤول إليه هو لصالح الشعب العراقي، ما دامت التأثيرات الخارجية موجودة، ويبدو الأهم في كل ذلك هو الاداء السياسي الذي خيب الآمال، إذ لم تستطع القوى السياسية التي أختارها المواطنون من خلال الانتخابات أن تفي بتعهداتها لناخبيها، وصار واضحاً توقع تراجع نفوذ هذه القوى بشدة، طالما اخفقت في توفير الخدمات الأولية البسيطة للمواطن، مع تفهم الصعوبات التي تواجهها في هذا الصدد، إلا أن الفئات المسحوقة التي بحاجة لتلك الخدمات لم تعد قادرة على تحمل المزيد من الضغوط اليومية المتعلقة بشؤونها المعيشية والحياتية، ولعل ما افرزته الأزمة الخانقة على صعيد توفير التيار الكهربائي صيف 2018، وما اعقب ذلك من مظاهرات شعبية، مؤشر واضح على تنامي انعدام الثقة بالمسؤولين والأحزاب، وبالتالي يطرح السؤال نفسه: ما هو الضمان إذا فقدت تلك القوى السياسية القدرة على التحكم بزمام الامور، وتم استغلال معاناة الناس الذين يطلبون انقاذهم من واقعهم الصعب من قبل المندسين في العملية السياسية من بقايا البعث أو المتعاطفين معه؟! 

ماذا لو تم إعادة الخارطة السياسية وبروز قوى اخرى لا تمثل بالضرورة مصلحة المكون الشيعي، وان صعدت عبر جزء من أصوات هذا المكون؟!

 لقد حاول البعثيون على عادتهم وكما هو متوقع استثمار تلك التظاهرات – المطالبة بتحسين الكهرباء والخدمات و.... ـ لأجل إشاعة الفوضى وخلق القلاقل في الشارع  خدمة لأغراضهم المكشوفة.

وفي مثل هذه الظروف فإن العقل والمنطق يحتمان على الشعب العراقي التحسب والاستعداد لأسوء الاحتمالات، وانطلاقاً من أن الحقوق على الاغلب لا يمكن استردادها وضمانها دون عمل جدي على الأرض، فلابد أن يكون هناك مشروع سياسي وطني محض تتحكم به إرادة الجماهير ونخبها الواعية والمخلصة البعيدة عن الحسابات الضيقة الفئوية والشخصية، وبدون ذلك لا يعدو أي مشروع سياسي جديد سوى ضرب من الخداع للأمة واستخفافاً بمصير اجيالها القادمة، وقد تجد القوى السياسية نفسها يوماً مضطرة للارتماء في احضان المقاومة.

وانطلاقاً مما ذكرنا تتحول المقاومة من مجموعة صغيرة معزولة عن المجتمع، كما يصورها الإعلام الامريكي المغرض، الى كونها جزءاً من حركة الامة وأحد العناصر المكونة للمجتمع العراقي، فإن عنصر المقاومة داخل في ماهية هذا المجتمع على غرار ما عليه شيعة لبنان فإن المقاومة هناك تساوي الأمة، والأمة تساوي المقاومة، فلا امة من دون مقاومة، ولا مقاومة من دون امة.

اعداد: طالب معلان

تعليقات الزوار

أفلام وثائقية
صور نادرة
مصطلحات

إقطاع

نظام اجتماعي سياسي ـ اقتصادي ظهر في أوروبا في القرون الوسطى، ويرتكز على حكم سادة الأرض (النبلاء) أصحاب الاقطاعيات، يعاونهم في ذلك جهاز مسلح من الفرسان والمرتزقة بقصد الإرهاب وفرض إرادة الاقطاعي على الفلاحين التابعين لاقطاعيته والمحكومين من قبل الاقطاعي، إلى جانب الكنيسة التي كانت تقوم بأدوار مختلفة تقود في مجموعها إلى تبرير الوضع والمحافظ ...

شاهد جميع المصطلحات