مرکز الهدف للدراسات

Hadaf Center For Studies

25 July 2018

العراق والهيمنة الأمريكية

يعود الاهتمام الأمريكي بالعراق إلى فترة مبكرة نسبياً، وتحديدا إلى أوائل القرن الماضي الذي شهد صراعاً شديدا بين القوى الدولية الرئيسة للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط، خاصة على بترولها الغنية، وتشير سلسلة رسائل متبادلة بين الحكومتين الأمريكية والبريطانية إلى رفض الولايات المتحدة لاتفاقية سان ريمو في العام 1920بين بريطانيا وفرنسا اللتين تقاسمتا بموجبها الامتيازات البترولية، وكان نتيجة ذلك أن كسبت الولايات المتحدة جولة مهمة في واحد من اهم الصراعات التي دارت على البترول شراسة في العصر الحديث. لقد ادت المنافسة بين الدولتين الكبرتين الى تعميق فهم العراقيين لضرورة الاعتماد على النفس من اجل تخليص العراق من الحكم الملكي وحلف بغداد. 

وخلال العام 1959أعلن العراق انسحابه من جميع الاتفاقات العسكرية المبرمة مع بريطانيا والولايات المتحدة وتم إلغاء الاتفاقات العسكرية الأمريكية وبرنامج المساعدات المعقود في العام 1954والاتفاق الاقتصادي في العام 1955. وردت الولايات المتحدة وحلفائها على هذه السياسة وحاولوا استغلال مصالحهم الاقتصادية الواسعة في العراق من اجل إعادة ارتباط العراق بالغرب. وذلك من خلال الشركات النفطية العاملة في العراق وتحريك التمرد الكردي في شمال العراق. 

وكان الدور الذي لعبته الدبلوماسية الأمريكية بقيادة هنري كيسنجر في توقيع اتفاقية الجزائر بين العراق وايران في العام 1975، اكبر دليل على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة للدور الذي يلعبه العراق في استراتيجية الغرب المعادية للشيوعية في المنطقة.

وفي بداية الحرب ضد الجمهورية الإسلامية ، يؤكد العديد من المراقبين أن كل ما أخذه العراق من واشنطن ....هو دعاء امريكا له بان يتمكن من القضاء على الثورة الإسلامية في ايران. ولكن، بحلول العام 1983، عندما أصبح واضحاً أن العراق كان في طريقه الى الهزيمة، ارسل الرئيس الامريكي رونالد ريغان مبعوثاً خاصاً، هو دونالد رامسفيلد الى بغداد كي يعرض على صدام دعم امريكا له من خلال تقديم الاسلحة التقليدية وغير التقليدية .... .

تكشف هذه النبذة التاريخية عن ان الاهتمام الأمريكي بالعراق ارتبط بالبترول، يلي ذلك ابعاد العراق عن الخضوع للمد الروسي و من ثم منع العراق من ان يتحول الى خطر على الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في المنطقة وجعله تحت الهيمنة الأمريكية ولهذا تم التخطيط لما هو ابعد من ذلك. ما يعنيه هذا ايضاً هو أن تعامل أمريكا مع الأنظمة التي تعاقبت على العراق ظل لعقود طويلة محكوماً بحدود سياسة الاحتواء المرتكزة على استراتيجية صيانة المصالح والنفوذ الأمريكي في المنطقة. وبدت السياسة الأمريكية اكثر وضوحاً حينما اعطت لصدام الضوء الاخضر لغزو الكويت حتى تكون لديها الحجة الكافية لغزو العراق، وعلى هذه الخلفية جرت عملية غزو العراق 2003ومنذ ذلك الوقت الى يومنا هذا اصبح واضحاً الفشل في المشروع الأمريكي في العراق ، وتشير الوقائع والمعطيات الى ان الولايات المتحدة سعت من وراء غزوها للعراق الى ضمان حدوث تغيير سريع فيه ومن ثم في المنطقة والعالم، مع القليل من المخاطر في ظل فوضى مسيطر عليها. وهو ما يفسر سياساتها واجراءاتها في الايام الاولى للاحتلال من تشجيع للنهب وحرق وتدمير مؤسسات الدولة وهياكلها الارتكازية وبناها التحتية خطورة وسوءاً من ذلك تعمدها حل جيش البلاد النظامي وعدم القيام بمسؤلياتها الأمنية وابقاء الحدود مفتوحة و عدم الحفاظ على امنه الداخلي بعد حل مؤسسات الامن بشكل عشوائي ولكنه مقصود بالتأكيد.  ومن الملاحظات المهمة التي يشير اليها الخبير الأمريكي أنتوني كوردسمان، أن من الأخطاء الاستراتيجية القاتلة التي وقعت بها الإدارة الأمريكية، التقليل من شأن اللاعبين الآخرين في تحديد مستقبل العراق، في حين أن ما يجري في الواقع، يثبت بصورة واضحة وأكيدة، أن الإدارة الأمريكية ليست هي من يحدد اليوم مستقبل العراق. فالعراق المحتل ، يفتقد القوة المركزية، القوة القادرة على توحيد الأغلبية العراقية، بحيث تحول الجسم العراقي السياسي إلى شظايا من الاحزاب والجماعات المتصارعة على القوة والنفوذ. وحتى في المنطقة الكردية، ثمة شواهد عديدة على أن الاستقرار الآني هو استقرار كاذب ، لقد جعل الاحتلال الأمريكي العراق ساحة خصبة لنمو الارهاب التي تغذيه وتدعمه بصورة غير مباشرة وساحة صراعات للدول الاقليمية والدولية، فالعراق لم يكن قادراً على انهاء الاحتلال الامريكي ومنع تدخله المباشر وغير المباشر ومنع تدخل باقي الدول في شؤنه الداخلية ما دام يمكث تحت المحاصصة السياسية والحزبية.

اعداد: طالب معلان

تعليقات الزوار

أفلام وثائقية
صور نادرة
مصطلحات

حرية الصحافة

وتعني حرية الصحافة في التعبير عن رأيها بما في ذلك حرية انتقاد الحكومة أو المؤسسات القائمة دون الخضوع للرقابة ولقد بدأت الرقابة لأول مرة في أوروبا بفعل الكنيسة وكان ذلك بعد اختراع الطباعة. وتختلف نظم الإشراف على الصحف والوسائل الاعلامية الأخرى كالراديو والتلفزيون من زمن إلى زمن ومن نظام إلى نظام، والمجتمع عليه يفرض أن من واجب الصحف وغيرها ...

شاهد جميع المصطلحات