مرکز الهدف للدراسات

Hadaf Center For Studies

25 July 2018

المشروع الأمريكي للشرق الأوسط ديمقراطية في خدمة المصالح

قد يكون الفرق بين المعلن وغير المعلن في السياسة هو القاعدة، ولذلك يجب النظر، عند إعلان أي موقف سياسي، إلى الكلام الذي لا يقال. هنا بالذات تكمن المشكلة : ننتظر من هذا السياسي أو ذاك خطاباً لنحدد مجرى الأحداث ومسراها كقولنا:

  هذا الكلام جيد، متفائل ويعطي الأمل، مرتبك، سلبي يضع المنطقة على كف عفريت....إلى ما هنالك من تعابير تعقب كل تصريح أو خطاب سياسي. بالمحصلة إذا اتبعنا ظاهر الخطاب يمكن أن نفهم أو نفسر، وطبعاً  لكل منا تفسير أو فهم معين بحسب المواقف المعلنة ودرجة الارتباط فينا وبمصالحنا. لكنا إذا اتجهنا إلى فهم الكلام غير المعلن عندها سنقع في شرك التأويل والتحليل وحسن النوايا. وهذا  يسري على واقع الشرق الأوسط منذ مأساة الحداثة إلى وهم الديمقراطية ، فالخطاب  السياسي يضمر أكثر مما يعلن، والمعلن هو عكس الحقيقة، وهناك انظمة تصدق ما يعلن وفي بعض الاحيان تعلم ولكن تخفي ما يعلن وشعوب عليها تقع واقعة ونتائج غير المعلن من المواقف والنيات؛ إذن ليست هناك نيات حسنة في مثل هذه الصورة، وهذه حال ما جرى ويجري منذ أن اعلن الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن مشروعه للديمقراطية في الشرق الأوسط مع نهايات العقد الأخير من القرن العشرين. 

فالشرق الأوسط الكبير أو الجديد هو عنوان لمشروع سياسي للمنطقة، أطلقته الولايات المتحدة مستفيدة من عاملي الأحادية في زعامة العالم واحداث 11أيلول. أما اهدافه المعلنة فهي: الاصلاح السياسي والاقتصادي والتبادل الحر، التنمية والاندماج الاجتماعي، التخفيف من واقع حالة الفوضى وعدم الأمن، حقوق الانسان والمرأة تحديداً....شعارات ومفاهيم جذابة بعناوينها ومضامينها وحتى بالنسبة إلى حاجة المنطقة اليها. لقد وضعت كل هذه القضايا تحت عنوان كبير وواحد وهو "نشر الديمقراطية" وابراز هذا المشروع كضرورة حتمية لتطوير المجتمعات، لا بل أكثر من ذلك، لاعتباره حاجة محلية ملحة وحتمية لمجتمعات المنطقة، إن هي أرادت أن تكون جزءاً من العالم الحر المتطور والحديث؛ عالم ينعم بالأمن والديمقراطية وحب الحياة. هذا المعلن إذن، وبصراحة اعتقد بهذا المشروع بعض القوى التي لا تحسب عادة الى جانب المشروع أو السياسة الأمريكية. إن المشكلة تقع مع الأنظمة السياسية وسلوكها التي جعلت بلدانها تطمس تحت حالة الفقر والظلم والحروب... والتي أعطت لمثل هكذا شعار صدى ايجابياً. ونحن هنا لسنا في موقع التبرير وانما فقط لنفهم هذا الواقع الذي رأى فيه بعضهم أنه يشكل الفرصة التاريخية للتخلص من نمط سياسي مشوه ومتمركز في السلطة منذ امد بعيد؛ ربما تكون هكذا هي الامور ولكن فات هؤلاء الانتباه إلى طبيعة من الذي يطرح المشروع وفي أي مكان وزمان.

وفي مطلق الاحوال إن التاريخ يعيد نفسه، والمشكلة ان الشعوب في الشرق الأوسط ، وبالرغم من امتلاكها ذاكرة جماعية متصلة بمئات وآلاف السنين من الحضارة والعلم، أخطأت في القراءة والفهم وحتى الاستدلال. فإذا كان "أحفاد الأنوار" قد استعمروا بلدانهم ردحاً من الزمن، وتحت شعارات تشبه هذه مع اختلاف الزمان والوسيلة وموجبات التقدم والتطور، فإن اقواماً جديدة ببشرة ملونة وخطاب ملتبس وبأهداف واضحة يعيدون رسم ملامح محدثة لشعارات حديثة وبأسلوب ووجوه جديدة. هذا المعلن، وللأسف، وقعنا  مجدداً في فخ التأويل والنيات الحسنة، وكما ذكرنا سابقاً: في السياسة لا نيات حسنة بل مصالح و مصالح فقط الا ما ندر. وهذا هو واقع وهدف المشروع الأمريكي للمنطقة، فهل من يتعظ؟!

د. حسن خليل

تعليقات الزوار

أفلام وثائقية
صور نادرة
مصطلحات

اقتراع على القوائم

نظام للتمثيل النسبي يقترع المنتخب فيه لواحدة من قوائم المرشحين التي تقدمها مختلف الأحزاب السياسية. ولكن هنالك تفاوتاً في طريقة الاقتراع في ظل هذا النظام: فثمة طريقة تفرض بأن يقترع الناخب للقائمة كما هي دون تعديل أو يتخلى عنها كلياً. ولكن بعض الاقطار تعطى للنخاب حق إعداد قائمته الانتخابية الخاصة كما يشاء.  وقد اخذ بهذا النظام في فرنسا لفتر ...

شاهد جميع المصطلحات