مرکز الهدف للدراسات

Hadaf Center For Studies

25 July 2018

تركيا وموقفها من الصراع العربي الصهيوني

وجدت تركيا نفسها بعد الحرب العالمية الثانية بين خيارين لا ثالث لهما: إما المعسكر الغربي، وإما المعسكر الشيوعي، وانحازت لعوامل عديدة إلى المعسكر الأول، وكان ثمن ذلك عضوية في حلف شمال الأطلسي عام 1952، واعترافا بدولة اسرائيل عام 1949، والمشاركة في المؤسسات الأوربية. وهكذا على امتداد الحرب الباردة كانت تركيا جزءا لا يتجزأ من المنظومة الغربية وامتدادها الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط. وكان الدور التركي فاعلاً، لكن من زاوية سلبية ضد شعوب المنطقة وتياراتها القومية والاسلامية والتحررية. كان تحديد ملامح السياسة الخارجية التركية "سهلاً" في تلك الفترة، وقامت تركيا سياسياً وعسكريا بكل ما يتطلبه انتماؤها إلى المعسكر الغربي، على الرغم من بعض "الومضات الجزئية "الإيجابية من وقت لآخر تجاه بعض القضايا ومنها فلسطين  والقدس. ويمكن رصد ثلاثة ملامح اساسية مثلت تحولاً مهما في نظرة تركيا لعلاقتها مع الولايات المتحدة حسبما رآها أردوغان ورفاقه. اولها، عدم إعطاء الولايات المتحدة "صك على بياض" في توظيف تركيا لخدمة مصالحها وسياساتها في منطقة الشرق الأوسط على غرار ما كان عليه الحال إبان التسعينات. ثانيها، إعادة التفكير في الدائرة العربية بعيداً عن منظور العلاقة مع واشنطن، ما يعني التحلل نسبياً من أعباء هذه الأخيرة من أجل تحسين العلاقات مع العالم العربي. وثالثها الدفع باتجاه تحميل واشنطن جزءاً من أعباء انضمام تركيا للاتحاد الأوربي. في كلام اردوغان هذا نوع من التمعن لأن في بعض الاوقات تتفق المصالح الأمريكية التركية في كثير من القضايا ولا تخالفها الا اذا اضرت بالمصالح التركية  واما بالنسبة للنقطة الثانية التي تكلم بها لأن الساسة الأتراك يحاولون بكل وسعهم اعادة الإمبراطورية العثمانية وحين نقول اعادة الامبراطورية ليست بالشكل الماضي يعني توحيدها جغرافياً تحت سيطرتها بل تفرض هيمنتها واجندتها.

وقد سعى حزب العدالة والتنمية إلى تأطير علاقته مع الولايات المتحدة ليس فقط انطلاقاً من المصالح المشتركة بين الطرفين، وانما من خلال ترسيخ معادلة جديدة للعلاقة تقوم على المقايضة "المحسوبة". وهو ما أثار حفيظة الادارة الأمريكية التي كانت في حاجة الى دعم تركي غير مشروط في سياساتها الجديدة سواء الخاصة بالحرب على الارهاب أو في اعادة هندسة الأوضاع في الشرق الأوسط . وفي حين رأت واشنطن أن دولا مثل ايران وسوريا، وحلفاءهما  مثل حزب الله وحماس تمثل تحدياً للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ما يعني ضرورة عزل هذه الأطراف ومعاداتها، تماشت السياسة التركية مع ما تتطلبه السياسة الأمريكية في المنطقة وكما قلنا الساسة الأتراك لعبوا دوراً سلبياً في الأزمة السورية ولكن سرعان ما تراجعوا من هذا الدور حينما تضررت مصالحهم. ولذا فقد ابدت  حكومة العدالة والتنمية في الفترة الأخيرة انفتاحاً ملحوظا على ايران وحركة حماس، رأت انقرة أنه لا مصلحة في معاداة هذه الأطراف بل ضرورة التواصل معها واحترام مصالحها وقدراتها في حل قضايا المنطقة وخاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية. ومع كل التجاذبات والخلافات وقد اكده كثيرون على أن تركيا ستظل أحد المفاتيح المهمة للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والقوقاز لعدة اعتبارات لا يمكننا الاتيان بها جميعا لكن نختصر بنموذجين هنا:

الأول: النظر لتركيا باعتبارها نموذجاً لدولة ديمقراطية مسلمة لديها تحالف وثيق مع الولايات المتحدة وهو ما قد يحسن الصورة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. 

الثاني: خلق توازن استراتيجي بين تركيا وايران في الشرق الأوسط وذلك في ظل الفراغ الذي خلفه احتلال العراق. ومع كل ما جاء في المقال نقول بإختصار لا يمكن ان تبتعد انقره كثيراً عن السياسة الأمريكية والصهيونية. صحيح ان في بعض الأحيان السياسة الأمريكية لا تخدم المصالح التركية ولكن هناك مصالح كثيرة تجمعهم  تغلب وتغطي على المصالح التي تفرقهم.

تعليقات الزوار

أفلام وثائقية
صور نادرة
مصطلحات

ليبرالية (تحررية)

مذهب رأسمالي اقترن ظهوره بالثورة الصناعية وظهور الطبقة البرجوازية الوسطى في المجتمعات الأوروبية، وتمثل الليبرالية صراع الطبقة الصناعية والتجارية التي ظهرت مع الثورة الصناعية ضد القوى التقليدية الإقطاعية التي كانت تجمع بين الملكية الاستبدادية والكنيسة. وتعني الليبرالية إنشاء حكومة برلمانية يتم فيها حق التمثيل السياسي لجميع المواطنين ، وحري ...

شاهد جميع المصطلحات