عمر المختار

يعتبر عمر المختار من أبرز أالشخصيات الجهادية القيادية الكبيرة التي تركت بصماتها في صفحات التاريخ المشرقة، وشكل خلال مسيرته الجهادية  تياراً اتسم بروح المقاومة العالية التي اتت ثمارها واضعفت قوى الاحتلال الايطالي في ليبيا وساهمت بالقضاء عليه.

وعمر المختار هو محمد فرحات إبريدان، وتعود أصوله لبيت فرحات التابع لقبيلة بريدان، وهي جزء أساسي من قبيلة المنفعة أو المنيف، وتعد هذه القبيلة من أولى القبائل الهلالية التي سكنت مدينة برقة في شرق ليبيا.

الولادة

 وُلد عمر المختار عام 1858م، في منطقة البطان التابعة برقة، وربّاه والده  تربية إسلامية صحيحة، نابعة من التعاليم الصادرة عن الحركة السنوسية التي استمدت مبادئها وأحكامها من القرآن الكريم والسنة.

النشأة

لم يعش عمر المختار في كنف والده لمدة طويلة من الزمن، فقد توفي والده عند ذهابه لأداء فريضة الحج في مكة المكرمة، وبعد وفاة والده تكفله عمه الشيخ حسين بناء على رغبة والده قبل وفاته، وأدخل عمر المختار وشقيقة مدرسة خاصة بتعليم القرآن الكريم.

وقد وهبه الله تعالى ملكات عديدة : منها جشاشة صوته البدوي، وعذوبة لسانه، واختياره للألفاظ المؤثرة في فن المخاطبة لدرجة السيطرة على مستمعيه وشد انتباههم.

وكان عمر المختار شديد الحرص على أداء الصلوات في أوقاتها وكان يقرأ القرآن يومياً، فيختم المصحف الشريف كل سبعة أيام.

السيرة الجهادية

ظهرت صفة الشجاعة في شخصية عمر المختار المتميزة  منذ شبابه فقد شارك في الحرب ضد الفرنسيين في تشاد حيث كان وقتذاك السودان الغربي وتشاد تعد مناطق ليبية جنوبية. وتميز عمر المختار بشخصية قيادية وثقافة دينية ساهمتا بعد ذلك في نجاحه في جمع القبائل الليبية المتناثرة تحت قيادة واحدة قاومت عام 1911 الغزو الإيطالي لليبيا الذي عرف حينذاك بالحرب العثمانية الإيطالية.

وعاش عمر المختار حرب التحرير والجهاد منذ بدايتها يوماً بيوم، فعندما أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا في 29 سبتمبر 1911م، وبدأت البارجات الحربية بصب قذائفها على مدن الساحل الليبي، درنة وطرابلس ثم طبرق وبنغازي والخمس، وعندما علم بالغزو الإيطالي سارع إلى مراكز تجمع المجاهدين حيث ساهم في تأسيس دور بنينه وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة. وقد شهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا سنة 1912م أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي، ومن بينها معركة يوم الجمعة عند درنة في 16 مايو 1913م حيث قتل فيها للإيطاليين عشرة ضباط وستين جنديا وأربعمائة فرد بين جريح ومفقود إلى جانب انسحاب الإيطاليين بلا نظام تاركين أسلحتهم ومؤنهم وذخائرهم.

ولُقّب عمر المختار بشيخ الشهداء، وشيخ المجاهدين، وأسد الصحراء، وقاد خلال مسيرته الجهادية معظم  المعارك التي حصلت في ليبيا ضد المحتلين.

الشهادة

بعد مسيرة حافلة بالجهاد والتضحيات والبطولات تم اعتقاله في كمين نصب له من قبل القوات الايطالية واجريت له محاكمة صورية معدة مسبقا، وتم إصدار حكم الإعدام بحقه شنقاً، وتم تنفيذ حكم الاعدام في يوم 16 سبتمبر من صباح يوم الأربعاء من سنة 1931 عند الساعة التاسعة صباحاً في مدينة (سلوق) جنوب مدينة بنغازي، وكان له من العمر 73 عاماً.

وجاء اعدام عمر المختار بنتائج عكسية خلافا لتوقعات القوات الإيطاليّة، فبإعدامه زادت المعارك والثورات القتالية، والتي أدت في نهاية المطاف لدحر القوات الايطالية المحتلة وحصول ليبيا على استقلالها.

وتناقلت عنه مجموعة من الأقوال منها:

- نحن لن نستسلم، ننتصر أو نموت

- إن الظلم يجعل من المظلوم بطلاً، وأما الجريمة فلا بد من أن يرتجف قلب صاحبها مهما حاول التظاهر بالكبرياء.

- يمكنهم هزيمتنا إذا نجحوا باختراق معنوياتنا.

نحن الثوار سبق أن أقسمنا أن نموت كلنا الواحد بعد الآخر، ولا نستسلم أو نلقي السلاح.

- إننا نقاتل لأن علينا أن نقاتل في سبيل ديننا وحريتنا حتى نطرد الغزاة أو نموت نحن، وليس لنا أن نختار غير ذلك، انا لله وانا اليه راجعون.