مرکز الهدف للدراسات

Hadaf Center For Studies

18 April 2018

الاستراتیجیة الاميركية في العراق

لم تكن الاستراتيجية الأمريكية المتبعة في العراق بمعزل عن الاستراتيجية الأمريكية العالمية، التي ترمي لأن تكون الولايات المتحدة القوة الامبراطورية المتحكمة في الشؤون العالمية. والمشروع الامبراطوري أو النزعة الامبراطورية لدى الامريكان ليست امراً جديدا، بل هي نزعة ولدت مع ارتفاع شمس نهار الاتحاد الفيدرالي الامريكي، والدليل ان نزعة الهيمنة والبحث عن الدور العالمي هي التي دفعت الكونغرس الأمريكي عام 1801الى السماح للحكومة الأمريكية بتجهيز ست سفن حربية بهدف استخدامها ضد ليبيا بغرض حماية الطريق التجاري في البحر الابيض المتوسط، وهي ذاتها التي دعت الرئيس جيمس مونرو عام 1823الى اعلان مبدأه الشهير القاضي بكف التدخل الاوربي في (الحديقة الخلفية ) للولايات المتحدة، مع اطلاق يد الأخيرة فيها. واستمرت نزعة الهيمنة الأمريكية والتوجه نحو الصيرورة قوة امبراطورية تزداد بمرور الوقت. ولأن المشروع امبراطوري، فان ذلك يستلزم السيطرة على ما أمكن من المناطق العالمية ولاسيما المناطق الحيوية، سواء من حيث الأهمية الجيوبوليتيكية، أو الأهمية الايكوستراتيجية. 

من هنا جاء مشروع الاحتلال الاميركي للعراق بوصفه مشروعاً متفرعاً من المشروع العالمي الاميركي، ومن الخطأ ان ندرس مشروع احتلال العراق بصورة منفصلة عن المشروع الأمريكي، اذ ان احتلال العراق ما هو الا خطوة تطبيقية لاستراتيجية الحرب الوقائية التي اتبعتها الادارة الامريكية بعد احداث الحادي عشر من ايلول 2001لإحكام سيطرتها على واحدة من اهم المناطق الحيوية في العالم، جغرافياً واقتصادياً ودينيا. كما ان دراسة تطور الاستراتيجية الأمريكية في العراق لا يمكن ان تكون كاملة اذا ما عزلت عن تطور الاستراتيجية الامريكية الشاملة التي هدفت وتهدف الى تحقيق الحلم الامبراطوري سالف الذكر. وينطلق البحث من فرضية قوامها ان مستقبل الاستراتيجية الامريكية في العراق سيبقى على ذات النهج أو سيتغير كلياً أو جزئياً بناء على ما تحقق وسيتحقق من نجاحات في العراق، وايضاً على ما ستفرزه المتغيرات المؤثرة على هذه الاستراتيجية من مخرجات قد تقود بها نحو الاستمرارية أو التغيير. ان دراسة تطور الاستراتيجية الأمريكية في العراق لا يمكن ان تتم بمعزل عن تطور الاستراتيجية الأمريكية الشاملة التي هدفت وتهدف الى تحقيق الحلم الامبراطوري في الهيمنة العالمية المنفردة.  

وهنا انطلق الاحتلال الأمريكي للعراق، وهو يهدف إلى الحفاظ على المصالح الأمريكية، وتلقين المناوئين للسياسات الأمريكية العبر والدروس على القدرة التدميرية للماكنة العسكرية الأمريكية، تحجيم نفوذ قوة عربية كانت لها صولات وجولات في احداث المنطقة، فضلاً عن هذا وذاك إخراج العراق من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي. وهكذا فالهدف من وراء الاحتلال تحقيق سيطرة استراتيجية عسكرية، وهيمنة جغرافية سياسية، فضلاً عن تأمين امدادات هائلة من الطاقة وسيطرة على مخزون ستراتيجي عالمي، والضغط به على المنافسين الآخرين.

ولأجل تحقيق الاهداف الأمريكية من وراء احتلال العراق، فان الولايات المتحدة تبنت استراتيجية سعت عبرها الى اعادة تشكيل الكيان العراقي وفق مقاسات تلائم الرغبة الأمريكية، وتلائم المصالح الأمريكية في المنطقة العربية؛ ولهذا تغيرت الاستراتيجية الامريكية في العراق أكثر من مرة، وأدخلت على جانبها التكتيكي والعملياتي تغييرات كثيرة، ويمكن تتبع التغيرات التي أحدثت على الاستراتيجية الأمريكية في العراق وفق التقسيم الآتي:

الف)استراتيجية تدمير الموجود(التخبط الامريكي وسوء التقدير): خاطب الرئيس(بوش)العراقيين في 2003م قائلاً ((سرعان ما ستعود حكومة العراق ومستقبل بلادكم إليكم، لسوف نسقط نظاماً وحشياً، بحيث يتمكن العراقيون من العيش في امان........))واذ يبدو من هذا الحديث ان ادارة بوش لديها استراتيجية فعالة لتحقيق الاهداف المعلنة المتوخاة من وراء الاحتلال، الا ان واقع الأحداث اثبت فشل تصورات ادارة الرئيس بوش لما ستؤول اليه الامور في العراق. واثبتت الوقائع اليومية القصور الفاضح لدى مخططي الاستراتيجية الامريكية في تصور صعوبة نجاح المهمة في العراق بعد الاحتلال العسكري. هذه الأخطاء الامريكية وغيرها ادت بالادارة الى اجراء تغييرات في استراتيجية النصر القومي2006.

ب)الاستراتيجية القومية للنصر في العراق 2006(من الانسحاب الى البقاء حتى استكمال المهمة!!).

وهناك عدة استراتيجيات اتبعتها الإدارة الأميركية في العراق لا يسعنا اتيانها هنا، وباختصار ان الاستراتيجية التي اتبعتها  الادارة الأمريكية فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق جميع اهدافها ،وهذا يعود الى المقاومة الشريفة التي تصدت للغزو الأميركي، واما ما يتعلق بالوعود التي قطعتها الادارة الأمريكية ابان احتلال العراق للشعب العراقي من امان واستقرار لم توفي بها، بل جلبت الخراب والإرهاب للعراق وإلى يومنا هذا العراق يشكو ويأن من ظاهرة الإرهاب ، فالاستراتيجية القومية رقم (ب) التي تجيز للقوات الأميركية البقاء في العراق بدواعي عدة منها محاربة الإرهاب هي لم تكن كما تدعي الإدارة الاميركية، بل هي استراتيجية تكميل ما خطط له من قبل وهو تحقيق الاهداف المعلنة المتوخاة من وراء الاحتلال.

تعليقات الزوار

أفلام وثائقية
صور نادرة
مصطلحات

استيلاء

في القانون، طريقة منشئة للملكية تتم بمجرد حيازة شيء غير مملوك لاحد بنية تملكه، كالاستيلاء على الاموال المباحة والاشياء المتروكة.  والاستيلاء من الطرق التي عرفها التاريخ في تولية الحكام وهي طريقة تستعمل القوة بمعناها المادي الكامل. ومن الممكن التمييز بين الاستيلاء عقب ثورة داخلية وبين الاستيلاء بالفتح الخارجي. وفي القانون الدولي، الاستيلاء ...

شاهد جميع المصطلحات