موسكو وقضية سكريبال

إن الفوز الكاسح في الانتخابات الرئاسية الروسية، يعزز طموحات الرئيس فلاديمير بوتين، للمضي في مشروع التوازن مع الدول الغربية وبناء علاقات ندية. فالسياسة الخارجية التي حدد معالمها الرئيس فلاديمير بوتين، وبخاصة في العقد الاخير، اتسمت بالواقعية والمنطقية المبنية على فرض التصورات، والتصدي لمحاولات الهيمنة الغربية، بالإضافة لتطبيق استراتيجية طويلة الأمد لتحقيق المصالح الروسية والتعامل ببرغماتية مع التحولات والتطورات الإقليمية والدولية.

وبات التصلب الروسي بشقيه السياسي والعسكري في الملف السوري، يشكل محوراً رئيسياً في الصراع مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية ، حيث بدا ذلك واضحاً في اكثر من مفصل ومسار شهده المسرح السوري. 

وفي ظل هذه التعقيدات، المتمثلة بالتصعيد الميداني، وما وازرها من كباش سياسي شهده مجلس الامن، إثر المناقشات التي دارت حول قرار2401، و ما تلاها من تهديدات أمريكية وبريطانية وفرنسية حول استهداف دمشق، أنهى بوتين حقبة ثالثة من ولايته بخطاب نووي رادع، أمام مجلس الأمة الروسي يشمل سورية، مبشراً بحقبة رابعة عنوانها أن  روسيا لن تقدم تنازلات سياسية تفقدها إنجازاتها العسكرية في سورية. 

هذا السياق الذي يفرض امراً واقعاً حتى اللحظة، فيما يتعلق بالحل السياسي، من انتصارات تحققت. فبدأت الدول الغربية تبحث عن مخرج ينقذها من الخسارة في الصراع السوري، فاضطرت بريطانيا ودول متحالفة معها لاتخاذ طريق الفبركة حول سكريبال ، في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار الى الحسم العسكري لما تبقى من المجاميع الإرهابية في الغوطة ،هناك فبركة اعلامية بريطانية مفتعلة ان روسيا قامت بتسميم الجاسوس لصالح المخابرات البريطانية سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا بواسطة اسلحة كيمياوية وبهذه الأكذوبة المفتعلة استطاعت بريطانيا ان تحشد معها الرأي العام ،ان دققنا قليلاً الى الدور الروسي في سوريا والدور المعاكس الذي تلعبه القوى الكبرى كبريطانيا في سوريا نرى ان هناك تضارب واضح لان الدول الأوربية تدعم مجاميع مسلحة فاعلة على الساحة السورية مع أنها تنفي ذلك، إلا أن المعطيات والسياسة المنتهجة من قبل الدول الاوربية تثبت ذلك، فيمكن بسهولة أن نكشف حقيقة هذا الإدعاء الغربي وعدم امكان التعويل عليه، حيث إن جميع الدول المتحالفة مع بريطانيا ومنها امريكا قامت بطرد الدبلوماسيين الروس ومن دون أي تحقيق، وهذا يذكرنا بالادعات التي أخذ يطلقها الغرب بشأن استخدام غاز الكلور في سوريا، فبمجرد أن اشيع الخبر في وسائل الإعلام بوجود عملية استخدام للكيمياوي اتجهت أصابع الاتهام نحو الحكومة السورية. ففي الواقع يبدو أن الهدف من ورائها حالياً هو التشويش على الانتصارات التي تحققت على الساحة السورية. فروسيا تعلم حقيقة أن الاستفزازات حول قضية الضابط السابق في الاستخبارات الروسية سيرغي سكريبال ذات علاقة وثيقة بالوضع في سوريا، فالغرب يريد اسكات روسيا من خلال تلك التهم وحتى يلوح لموسكو بخطورة مواقفها وسهولة اتهامها بمثل استخدامها للسلاح الكيميائي في دول أخرى مثل بريطانيا.