مرکز الهدف للدراسات

Hadaf Center For Studies

25 March 2018

المبادئ السياسية للإمام الخميني واثرها في انتصار وديمومة الثورة الاسلامية

حينما اقتضت المشيئة الالهية بأن يجعل الله سبحانه خليفة له في الارض فانه لم يترك هذا الانسان في معترك الشهوات ومخططات الشيطان، فاختار له من بني جنسه رسلا وانبياءا يهدونه الى صراطه المستقيم ويجنبونه طريق الضلال: (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس) يستخلفهم في الارض بما لديهم من العقل والارادة وتحمّل المسؤولية وان يحكموا بين الناس بالحق،ومن بعد الانبياء اجتبى ائمة هدى يديمون خط الانبياء في الهداية وتبليغ الرسالة الالهية. (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا)، (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا).

واذا صنفنا انواع السياسة فاننا سنجدها تتحدد بثلاثة أنواع وهي:

النوع الاول: السياسة العادلة التي تُخرج الحق من الظالم الفاجر وهي من الشريعة. 

النوع الثاني: السياسة الظالمة والتي تحرمها الشريعة. وهي سياسة جميع الفراعنة والمستكبرين والجبابرة في العالم.

النوع الثالث: السياسة المادية (الحيوانية) التي تهتمّ بالبُعد المادّي والحيواني من الإنسان فقط.

وما يهمنا هنا هو النوع الاول وهو سياسة جميع الأنبياء والأولياء الربّانيين (ع)، وهي السياسة التي تجلّت في سيرة الأئمّة المعصومين (ع) وخاصّة سيرة النبي الأكرم (ص) والإمام علي (ع)، حيث نجحا في إقامة الحكومة الإسلاميّة. 

وهذه السياسة تجلّت في عصرنا على يد الامام الخميني الراحل. والذي اهلته الخصائص الفكرية التي تمتعت بها شخصيته بان يقود الثورة نحو النصر والثبات وارسى قواعدها لتستمر بثبات والى يومنا الحاضر.

ولاجل ان نحيط باهم مبادئ الامام الخميني السياسية لابد ان ان نطلع على تعريفه للسياسة.

فالامام الراحل اعطى تعريفا جديدا للسياسة ينسجم مع المبادئ الالهية والاسلامية ، فقد عرّف الامام السياسة قائلاً: (إنّ السياسة هي تلك التي تعمل على هداية المجتمع، وتهتم بجميع مصالحه، وتأخذ بنظر الاعتبار جميع أبعاد الإنسان والمجتمع، للأخذ بيده إلى ما فيه صلاحه وصلاح الأمّة وأبنائها، وهذه المهمّة من شؤون الأنبياء.. ولا يمكن للآخرين أن يضطلعوا بإدارة هذه السياسة، فهذه هي مهمّة خاصّة بالأنبياء والأولياء، ويتبعهم العلماء والفقهاء الذين تتوفّر فيهم شرائط القيادة وإمامة الأمّة).

ووفق هذا التعريف فان المبادئ التي تميزت بها شخصية الامام الخميني والتي اهلته لان يقود الثورة الى النصر يمكن ان نجملها بعدة نقاط واهمهما:

1- الاسلام المحمدي الاصيل: فقد صرح الامام الخميني بمبدأ الاسلام المحمدي الاصيل مقابل الاسلام الامريكي ،ويقصد بالاسلام الاصيل هو الذي يبتني على القرآن والسنة الصحيحة والذي ارسى قواعده الرسول الاكرم (ص) منذ بدء دعوته وحتى رحيله، ومن خلاله شكّل وحكومة ودولة قوية امتدت نحو الآفاق، وإكمالاً لهذا النهج المحمدي الاصيل بلّغ الرسول قبل رحيله الامر الالهي بان يستمر هذه النهج من خلال وصيه الامام علي (ع) بما احتوت شخصيته من كمالات مادية ومعنوية الا ان الامة انقلبت على اعقابها ولم يعود الحق لنصابه الا بعد قتل عثمان ولجوء الامة الى الامام علي(ع) ليحكم بما حكم الرسول (ص) حكما عادلاً انتهى باستشهاده لتتكالب المحن والفتن على الامة الاسلامية لانحرافها عن نهج الاسلام المحمدي الاصيل. واستمرت الامة في سباتها حتى أتى من يوقظها وينير طريقها نحوجادة الصواب على يد الامام الراحل فهو جعل من أولى مبادئه العودة الى الاسلام المحمدي الاصيل، ومن خلال هذا المبدأ قطع الامام الراحل الطريق أمام جميع الانحرافات التي تقدم في العالم بانها من مبادئ الاسلام والمسلمين وبيّن حقيقة المبادئ التي أتى بها الر سول (ص) ومن بعده الائمة المعصومين (ع).

وأشار الامام الى مصطلح الاسلام الاصيل في خطابات ومناسبات عديدة واكد ان الاسلام الأصيل هو الاسلام المدافع عن المحرومين والمستضعفين والمناهض للمرفهين ودعاة الراحة والدعة وفي بدء الثورة قال سماحته: (ان الشعب الايراني سوف يدلي يدلي بصوته الى المدافعين عن الاسلام المحمدي الاصيل).

وكثيرا ما كان يؤكد الامام الى ان محاربة الاستكبار والدفاع عن العقيدة، يعتبر من الاركان المهمة للاسلام الاصيل.

وأشار سماحة السيد الخامنئي مؤخرا الى ان من الاصول الثابتة التي تمسك الامام الخميني الراحل بها هي اثبات حقيقة الاسلام المحمدي الاصيل ونفيه للاسلام الاميركي الذي يريد ان لا تكون للمسلمين أي ردة فعل تجاه الجرائم الاميركية والصهيونية وان يتم استجداء الدعم بكل انواعه منهم، مشيرا الى ان الامام الخميني كان يرفض هذه النظرة وكان يرفض الاسلام المتحجر وكان يرفض الاسلام العلماني الذي يريده هولاء.

2- الاستقلال ونفي التبعية لغير الله: وقد تجسّد ذلك من خلال الشعار الذي رفعه: ( لا شرقية ولا غربية جمهورية اسلامية). ولاشك ان بالاستقلال تتحرر الدول من الدوران في فلك الدول الاستعمارية، واستقلالها يهيئها للحكومة الاسلامية العالمية.

3- عدم فصل الدين عن السياسة:  وهذا مبدأ مهم في فكر الامام الراحل، وقد اكد عليه في خطابات عديدة واعتبر القائل بفصل الدين عن السياسة على المستوى العلمي لا يؤمن الا بجزء قليل من مجموع آيات القرآن ويترك مئات الايات التي لها مجالها للتطبيق على صعيد ممارسة العمليّة السياسية.

4- أصل ولاية الفقيه على أنه السبيل الوحيد لمشروعية الحكومة في عصر الغيبة: فقد طرح الامام الراحل في بداية الستينات الحكومة الاسلامية وان (ولاية الفقيه) هي أصل الحكومة الاسلامية وقد اخرج هذا المبدأ الى الوجود الحي في ميدان الممارسة السياسية للسلطة بعد ان تم التنظير لها في متون فقهية شيعية عديدة، وقام الامام الراحل بتثبيت هذا الاصل من الناحية النظرية كمرحلة أولى في مسيره الفكري والسياسي مع الامة.

5- لزوم السعي من أجل إقامة الحكومة الإسلامية: ان نظام الحكم هو عبارة عن منظومة الافكار والمبادئ التي تحدد معايير الحاكم،وفيما يجب ان تتوفر فيه من صفات، وفي صلاحياته التي يمارسها،وفي صدور هذه الصلاحيات، وفي علاقته بالمحرومين، وفي علاقة المحكومين به.

والمقصود بالحكم هو السلطة وولاية الامر كما في قوله تعالى: (أطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الامر منكم).

وقام الامام الراحل ومن خلال سعيه لاقامة الحكومة الاسلامية بتثبيت ولاية الفقيه عملياً من خلال إقامة الجمهورية الاسلامية في ايران مستندا في ذلك الى الفقه والشريعة وكانت حركة الامام في تطبيق الحكومة الاسلامية على ثلاث مراحل:

المرحلة الاولى: إثبات ضرورة ولاية الفقيه واقامة الحكومة الاسلامية المبتناة على حاكمية الاسلام.

المرحلة الثانية: تأسيس الجمهورية الاسلامية بعد تعبئة الامة وقيادتها لاسقاط نظام الشاه.

المرحلة الثالثة: إثبات الابعاد الاساسية لولاية الفقيه وارتباطها بحقيقة ومبادئ الاسلام.

6- نصرة المحرومين والمستضعفين والدفاع عنهم في كل مكان:

فقد اعتبر الامام ان أية بقعة من العالم يتواجد فيها مسلم هي هي بقعة اسلامية ولابد من نصرته والدفاع عنه، ومنذ الايام الاولى اهتم الامام بالمستضعفين والمحرومين وأمر بتشكيل مؤسسات خاصة بهم وترعى شؤونهم.

7- وعي الحالة الزمانية والمكانية واستيعاب الظروف: وهو مبدأ مهم في فكر الامام الراحل، وإنّ المراد من معرفة شرائط الزمان هنا هو: ان معرفة الظواهر السياسيّة والاجتماعيّة والوقائع والأحداث التي تقع في هذا الظرف الزمني، من مصاديق معرفة الزمان، فقد ورد في الحديث عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنّه قال: (العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس).

و روي عن الإمام علي (ع) أنّه قال: ( أعرف الناس بالزمان، مَن لم يتعجّب من أحداثه).

وأشار الامام الراحل في مناسبات عديدة الى هذا المبدأ فقد قال في احدى المناسبات الى إنّ لعنصري الزمان والمكان دوراً حاسماً في الاجتهاد؛ فالمسألة التي كان لها سابقاً حكم خاص يُصبح لها حكمٌ جديد فيما لو وقع في ظلّ مجموعة من العلاقات الحاكمة على السياسة والاجتماع والاقتصاد في نظام ما، بمعنى أنّه بالمعرفة الدقيقة بالعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، يعلم أنّ الموضوع الحالي - الذي يبدو وكأنّه لا يختلف عن الموضوع الأول - هو موضوعٌ آخر، وتبعاً لذلك فهو يتطلّب حكماً جديداً.

وكان الامام الخميني (ره) يهتم كثيرا بالفقه القديم ويعتقد انه اذا تقدّم الفقه القديم علي وفق ضوابط معينة، فانه يمكن ان يتقدّم ليجيب عن جميع حاجات المجتمع. وكان يري ان فهم الدين وتطبيقه في حياة الانسان المعاصر، واخذ دور الزمان والمكان بنظر الاعتبار في اسلوب الاستنباط كمبدا اصلي واساس وواقعي في الفقه.

تعليقات الزوار

أفلام وثائقية
صور نادرة
مصطلحات

الصابرا

كلمة عبرية مشتقة من الكلمة العربية (الصبر) أو (نبات الصبار) وتطلق على اليهود من مواليد فلسطين كناية على الخشونة والانتماء للأرض والمحاولة لطمس الفروق بين المولودين في فلسطين والتمييز الكبير ضد اليهود الشرقيين (السفارد) غير أن التدقيق في استخدام هذه الكلمة يظهر أنها تستخدم عادة لتمجيد الشباب الصهيوني ذوي الأصول الاشكنازية فحسب، وهم على كل ...

شاهد جميع المصطلحات