امبراطورية الشر

تشير اغلب الدراسات التي تجرى في العقود الأخيرة وتؤكد بما لا يقبل الشك على الحتمية التاريخية التي مرت بها كل الإمبراطوريات والحضارات ايضاً دون استثناء في مراحل صعود وهبوط وانهيار قد يكون واضحا او قد يكون مفاجيء وهو ما توقعه جير دايموند للإمبراطورية الأميركية حيث يؤكد ان انهيارها سيكون توقيت مفاجي ء وصامت وسريع ومؤكد. وحينما نرجع الى الأسباب التي ستطيح بإمبراطرية الشر نرى ان هناك العديد من نقاط الضغط التي تتصادم عندها الهيمنة الأميركية والإعتماد المتبادل العالمي. ويشمل ذلك انعدام المساواة المقلق بين الشمال والجنوب وربط الإقتصاد العالمي بالسوق، والهيمنة المتغلغلة للثقافات التي أعقبت انتشار عالم مكدونالد والأهم من ذلك التباهي بالقوة العسكرية في الشكل المبتكر للحروب الوقائية.

فعندما تعرضت أميركا لهجوم من منظمة ارهابية غير حكومية (القاعدة ) وإن كانت الشكوك تراود الكثير من دول العالم في حقيقة ما جرى، سعى الرئيس بوش إلى الثأر من الدول التي تسميها اميركا تؤوي الإرهاب. وقد دفعه ذلك إلى استراتيجية استهدفت أفغانستان ثم العراق وربما... لقد أعلن جورج بوش الصغير في تلك الفترة  أن العالم بات مقسوماً بين الخير والشر وبين المؤمنين والكفار، والمؤمنين هم أولئك الذين يرتضون القيم الأميركية للرأسمالية الأنجلو - ساكسونية برمتها. أما الكفار فهم الذين يرفضونها ويجب على الأمم الآن أن تقرر ما إذا كانت مع هذه القيم أو ضدها، وعليها كذلك أن تقرر إن كانت مع الحرب الأميركية على الكافرين بهذه القيم. وهنا تصبح الدول التي لا تقبل بالقيم الأميركية والغربية دولاً شريرة، فالإمبراطورية الأميركية تسعى في توحيد العالم بأجمعه تحت قيادتها في محاربة الإرهاب دون أن تحدد مفهومها للإرهاب أبداً.

ويبدو أن المافيا والرأسمالية هما توأمان طفيليان يعيشان ويقتاتان على بعضهما بعضاً. يقول المؤرخ ألبرت فرايد: إن الأذكياء من اعضاء عصابات المافيا من عائلات آل كوبوني و موداليتز و مايرلانسكي،من اشد المدافعين عن المعتقد الرأسمالي وأكثرهم ولاء له، وهذا ما ينطبق على اتباع أيديولوجية إدعار هوفر.إن هوفر الذي ترأس مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي لما يزيد على 50عاماً، لم يعترف مطلقاً بوجود الجريمة المنظمة، لذا فإنه لم يقاومها ابداً.وقد كان النظام المالي الأنجلو – أميركي يعاني من أزمة، والحروب التي عقبت 11سبتمبر ساعدت على إعادة صياغة النظام العالمي الجديد، و من طبيعة الرأسمالية الانجلو - أميركية أن تروج للحرب كحلول لمعالجة حالات الكساد والركود الاقتصاديين وربما الإخفاق الحالي للنظام كله.

قال صاموييل ب. هنتنغتون: لا يتردد غير الغربيين في الإشارة إلى الفروقات بين ما يدعيه الغرب من مباديء وما يفارقه من ممارسات. فإن النفاق، والمعايير المزدوجة والإستثناءات هي ثمن الادعاءات الشمولية.فالديمقراطية يتم ترويجها الا اذا نتج عنها فوزالإسلاميين للحكم، وعدم انتشار الأسلحة يتم تقديمها كمواعظ لإيران والعراق ولكن ليس لإسرائيل، والتجارة الحرة هي اساس النمو الاقتصادي ولكن ليس الزراعة.

لقد علمنا التاريخ قديمه وحديثه بأن حلفاء الإمبراطرية الجديدةالعرب،الصهاينة يرسمون لهم خارطة طريق للشرق الأوسط الجديد، الذين استولوا على حكم الإمبراطرية الجديدة. والى أين ستأخذنا وتأخذهم هذه الخارطة؟ كانت آنئذ اسمها اتفاقية سايكس بيكو وبعدها اتفاقية شارون بوش واليوم اتفاقية ترامب. فإن المشكلة التي يواجهها العالم اليوم لا تكمن بين المسلمين والمسيحييين واليهود، بل تكمن في القلة الذين اختطفوا أميركا ويحاولون الآن اختطاف العالم بأسره من خلال عولمتهم.

طالب معلان العلوي