امريكا والانسحاب من سوريا!!

ما يمكن قوله هنا أن الانسحاب الأمريكي في هذا الوقت ـ وان كان الكثير يشكك في النوايا الأمريكية المتناقضة في اغلب الاحيان ـ سيحدد ليس مستقبل سوريا وحدها بل مستقبل كل المنطقة لعقود مقبلة، فالانسحاب الامريكي يفتح الآفاق للتسوية السياسة، والثاني سحب البساط من جميع  المراهنين على التواجد الأمريكي في المنطقة، فعليهم ان يجدوا حلاً لخلافاتهم من دون التدخل الأجنبي، فالولايات المتحدة من بداية نشوب الازمة السورية عملت على اسقاط الحكومة السورية ودعم المجاميع الارهابية،  والمؤكد هو أن علاقة الولايات المتحدة بالحكومة السورية لم تكن أبداً خالية من التوتر، وتفضل الولايات المتحدة سقوط بشار الاسد اليوم قبل غد. وهذا يعود من جهة الى قرب الأسد الأب والأبن الى الجمهورية الاسلامية، خصم امريكا الأكبر في المنطقة. ومن جهة أخرى الى موقفهما العدائي من اسرائيل، حليف أمريكا الأهم في المنطقة. فبعدما اعلن ترامب الانسحاب من سوريا صار هناك تناقض في زمن الانسحاب فالرئيس الامريكي حيث تراجع عن كلامه في تحديد الزمن الذي تنسحب به القوات الامريكية نعم هو قرر الانسحاب ولكن متى وكيف؟ ، فانسحاب الوحدة العسكرية الأمريكية من سوريا يعني أن قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر الآن على ضفة الفرات اليسرى ستبقى من دون دعم واشنطن. وكذلك تدور ظهرها لحلفاؤها الإقليميين فهل من الممكن ان تتخلى واشنطن عن جميع ذلك وتسحب قواتها؟! وفي الصدد عبّر الخبير العسكري فيكتور ليتوفكين عن شكوكه في ان تغادر القوات الأمريكية سوريا، وشدد على أن الأمريكيين لم يسبق أن غادروا طواعية مناطق سيطروا عليها، وها هم قد بنوا في سوريا 17 قاعدة وبدأوا  بنشر نقاط مراقبة على الحدود التركية السورية. فهناك شكوك تراود الانسحاب الامريكي من سوريا ، حسب التصريحات وما هو موجود على الأرض أن القوات الأمريكية اذا قررت الانسحاب بالفعل فإنها ستنسحب الى شمال العراق وهذا الخبر لم تنفيه الحكومة العراقية يعني انه مؤكد، فالانسحاب الامريكي الى شمال العراق يعني مضاعفة القوات الامريكية ومن الممكن بناء قواعد عسكرية جديدة ، فبعد بضع سنين من اعلان الولايات المتحدة انسحابها من العراق ، ها هي الآن ترجع بقوة الى العراق وما هي السناريوهات التي تخطط لها الولايات المتحدة من سحب قواتها من سوريا الى العراق؟!، وما هو موقف حركات المقاومة من التواجد الامريكي، لأننا نعلم ان الحكومة العراقية لم يكن لديها موقف قوي ومشرف بان تقول لا نقبل بالوجود الامريكي على الأراضي العراقية، فلا يمكن غض الطرف عن العلاقة بين الانسحاب الأمريكي من سوريا وزيارة ترامب إلى قاعدة عين الاسد في العراق، وليس صحيح ما برره ترامب بأن الانسحاب من سوريا مقترن بتقديره، أن الحرب ضد تنظيم داعش قد انتهت، والا ما هو تفسير زيارته لقواته العسكرية في العراق ؟ والتصريح من هناك بعدم الانسحاب من هذا البلد، بل صرح استخدامها كمنصة لشن عمليات عسكرية محتملة في سوريا ومناطق اخرى ؟ فالبيت الأبيض وان كان ينوي سحب قواته من سوريا ولكن يريد ان يراقب الأوضاع عن قرب الحدود السورية ويمكن ان يصبح موضع تهديد للدول المجاورة للعراق، فحسب التصريح الامريكي انها لم تكن لديها نية من انسحاب قواتها من العراق فيا ترى هل تقبل الحكومة العراقية بالتواجد الامريكي الى ما نهاية ؟! فكما قلنا ان الحكومة العراقية هي حكومة ضعيفة ولا نتصور منها موقف قوى قد يصدر ولكن الموقف القوى  ستحدده حركات المقاومة. 

طالب معلان